شبكة طريق الحرير الإخبارية/
ماليزيا تتربع على عرش “السياحة الحَلال”
بقلم: الأكاديمي مروان سوداح
ما أزال أذكر زياراتي السابقة إلى الشقيقة ماليزيا، وكَرَم الضيافة الماليزي الذي غمروني به، بخاصة من جانب قادتها السياسيين، وأولهم آنذاك كان الرئيس السابق مهاتير محمد، الذي رَشَّح نفسه حالياً للانتخابات الجديدة والعودة إلى قيادة دفَّة الدولة، ووزير دفاعه، وغيرهما من كبار المسؤولين مدراء مختلف المؤسسات، إذ التقيت بهم في المقر الرسمي لهم، وتأكدت حينها كم هم هؤلاء أبناء ماليزيا من المسؤولين والعامة بأجمعهم يتمتعون بأخلاق رفيعة ويُضرب بهم المَثل.
تتربع السياحة الماليزية الحَلال على عرش هذا الشكل من السياحة التي تزدهر في العالم منذ عهد غير بعيد، لكونها تتناسب مع العقائد الدينية والعادات والتقاليد الشعبية للكثير من الدول والشعوب، ليس الإسلامية فحسب، بل ولغيرها من الأقطار ذات الانظمة السياسية المتباينة والتنوع الديني والفكري.
تبرز ماليزيا في قطاع السياحة بأنها بلد سِلعه وبضائعه رخيصة مقارنة بدول أخرى عديدة، وهذا واحد من أسباب انتقال العرب صوب ماليزيا كمقصد سياحي آمن ومقر استجمام دائم، إذ تستقبل كوالالمبور سنوياً ملايين السياح الناطقين بالعربية، وهذا ما يؤكده “شارع العرب” في العاصمة كوالالمبور الذي يَعج بهم، إلى جانب مدن أخرى من بينها، ملكا، لانكاوي، هايلاند، باهانغ، برهنتيانغ، بوتراجايا، صنواي لاجون، وبانكور.
بعض الدراسات تتحدث عن أن الدولة الماليزية ذات النظام التعاوني والتشاوري المتطور، أبدَعَت بتوفير هذا الشكل السياحي للمسلمين، وقفزت عن بريطانيا بتوظيفه المُتسع في مختلف مدن ماليزيا، فقد كانت كوالالمبور المُبَادِر لتطبيق هذه السياحة بحرفية واضحة. ولذلك، تتقلد ماليزيا المرتبة الأولى دولياً في توفير السياحة الحَلال بمهارة، كونها صارت منذ سنوات تجتذب عدداً ضخماً من السياح والمجموعات السياحية المُسلِمة، والمسيحية أيضاً، من مختلف قارات الدنيا، فهي الأكثر جذباً لهم، ولأنها واحدة من أكثر الدول تَمتُعاً بالأمن والأمان، واحترام قيمة الإنسان وقِيَمِهِ، ولكونها قادرة على توفير كل أشكال الخدمات لمجموعات هؤلاء السياح وبأسعار مناسبة، لا سيّما وأن أعداد المسلمين منهم القادمين إليها من شتى الدول يتعاظم.
تتطلب السياحة الحَلال الشروط المتعدد والصارمة، منها التزام الدولة المُضِيفة بالتقاليد الإسلامية، والوجبات الحَلال، وتوافر مواقع للصلاة، ومساجد قريبة من “الفنادق الحَلال”، وخدمات التنقل الآمنة داخل ماليزيا، وخلال السفر إليها، ومنها بالطائرت أو بالسفن. ولهذا، انهمكت ماليزيا على مدار سنوات عديدة في عملية زراعة وتأصيل هذه السياحة في مواقعها المختلفة، وتطبيع النمط السياحي وفقاً للطراز الإسلامي للسياح المسلمين، ويؤكد ذلك أن المؤسسات الرسمية الماليزية اجتمعت سوياً ونَسَّقَتْ بعمق وأقرَّت اتِّباع إستراتيجية علمية متجانسة على جميع مستويات الدولة، وبالتالي تَفوَّقت بتوفير الخدمات الجاذبة للسياح المسلمين إلى أراضيها ومياهها التي تحيط بهذه الدولة مِنْ كلِّ حَدَبٍ وصَوْب.
يرى أحد المسؤولين الماليزيين أن السياحة الإسلامية لا تَعني التغيير أو توفير منتجات وخدمات جديدة، وإنَّما تعديل وتطويع الخدمات القائمة بالفِعل لتُلائِم السائح المُسلِم، إذ إن ماليزيا كانت قد أدركت هذه الحقائق قبل غيرها من الدول بوقت طويل.
المُغريات السياحية في ماليزيا متعددة ولا يَنتهي إحصاؤها، فهي تشتمل على الكثير من الشواطئ، والطقس الاستوائي الدافئ شتاءً، والحدائق النباتية والمُنتجعات المائية. ويتمتع الشعب الماليزي بالضيافة الحسنة لزواره واحترامهم العالي، ويُوفِّر للسياح المسلمين الأطعمة الحَلال، مع مراعاة شعائر شهر رمضان المبارك في المنشآت السياحية كافةً، وتقديم وجبات الإفطار الشهية مع غروب كل يوم رمضاني.