إن الإستفزاز العسكري الأخير الذي وقع في 16 نوفمبر عام 2021، كان مخططا بصورة مسبقة من قبل السلطات العسكرية – السياسية في أرمينيا. إذ أن الوحدات العسكرية الأرمنية، قامت بمحاولة الإستيلاء على المرتفعات في إتجاه كالباجار ولاتشين بهدف توفير التفوق العسكري؛ وقبل هذا الهجوم في 16 نوفمبر، لجأت القيادة العسكرية – السياسية في أرمينيا الى الإستفزازات العسكرية والسياسية المتعاقبة بهدف تصعيد الوضع. ولغاية تعويض الهزيمة الفادحة في حرب 44 يوما وما عقبها من الخسائر في المواقع، وأخذ بالثأر، شرعت السلطات الأرمنية إنطلاقا من 8 نوفمبر بالإستفزازات ضد وحدات الجيش الأذربيجاني أسوة بما يشابه سيناريو طاووز. كما قام وزير الدفاع الأرمني الذي قد تم إقالته، فيما بين 6-7 نوفمبر بالزيارة غير القانونية الى أراض تتمركز فيها قوات حفظ السلام الروسية بشكل مؤقت، وإلتقى أفراد القوات المسلحة الأرمنية التي ما زالت تتواجد في تلك الأراضي، وتفقد المواقع القتالية. ما عدا ذلك، زار هذا الرسمي الأرمني الحدود الدولية في إتجاه لاتشين، وتصرف تصرفا إستفزازيا وتحريضيا؛ أطلقت وحدات القوات المسلحة الأرمنية في 9 نوفمبر النار بأسلحة خفيفة على الآلات الهندسية التابعة للقوات المسلحة الأذربيجانية في إتجاه محافظة كالباجار. في اليوم ذاته، توجه الجانب الأرمني مرة أخرى للمغامرة الحربية، وقام بمحاولة نشر 60 عسكريا له حول بحيرة قره قول في محافظة لاتشين على طريق يؤدي الى مواقع الجيش الأذربيجاني. لكن الإجراءات التي إتخذتها القوات المسلحة الأذربيجانية في وقتها، أسفرت عن محاصرة وحدات القوات المسلحة الأرمنية، وتقييد جميع تحركاتها. بيد أنه أظهر الجانب الأذربيجاني مجددا إنسانيته مع أخذ في الإعتبار طلب الجانب الروسي، ووفر ظروفا لعودة العسكريين الأرمن؛ وردا على أفعال الجانب الأرمني ذات الطابع الإستفزازي الصريح التي باتت متواصلة، بينت وزارة الدفاع لجمهورية أذربيجان أن القوات المسلحة الأذربيجانية، سوف تتخذ التدابير الضرورية في حال تكرار الإستفزازات من قبل أرمينيا. غير أن الجانب الأرمني الذي لا يكترث بتحذيرات الجانب الأذربيجاني، كثّف إستفزازاته العسكرية والسياسية؛ في ساعات الصباح في 13 نوفمبر، إرتكب الإرهابيون الأرمن عملا إرهابيا تاليا من خلال إلقاء قنبلة على موقع العسكريين الأذربيجانيين بالقرب من مدينة شوشا، الأمر الذي تسبب في إصابة 3 عسكريين. تباعا لذلك، إبتداءً من 13 نوفمبر، أطلقت وحدات القوات المسلحة الأرمنية وتلك المتواجدة على أراضي أذربيجانية تتمركز فيها قوات حفظ السلام الروسية بشكل مؤقت، أطلقت النار على مواقعنا في النقاط المختلفة على طول الحدود الدولية، وحول مدينة شوشا؛ بيد أنه في 16 نوفمبر، قامت وحدات القوات المسلحة الأرمنية بمحاولة شن الهجوم واسع النطاق على بلادنا على طول إمتداد الحدود الدولية في محافظتي كالباجار ولاتشين. غير أن هجوم الوحدات العسكرية الأرمنية التي سعت لإقتناء التفوق ذي الأمد القصير مع إرتكاب الإستفزاز واسع النطاق، باء بالفشل من الناحية العملياتية-التكتيكية من جراء الخطوات السريعة والمؤثرة من قبل الجانب الأذربيجاني.
وبالتالي، تقع كامل مسؤولية المواجهة العسكرية التي نتجت عنها الخسائر البشرية على القيادة العسكرية-السياسية الأرمينية؛ لقد أعربت الدول والمنظمات الدولية المختلفة عن مواقفها من الإشتباكات التي حدثت على الحدود الدولية بين أذربيجان وأرمينيا، حيث تحمل التصريحات الصادرة عنها ما عدا التصريحات المغرضة التي أفصح عنها البرلمان الأوروبي وممثلو الكنغرس الأمريكي الموالون للأرمن، تحمل طابعا متوازنا بشكل عام. وتتضمن قلقا من الوضع فقط دون توجيه الإتهامات المباشرة ضد أذربيجان، على الرغم من جميع المحاولات الأرمنية؛ ويجب التشديد على أن التصريحات المذكورة أعلاه، تشير الى أهمية إطلاق عملية التحديد والترسيم للحدود الدولية بين أذربيجان وأرمينيا من أجل الحيلولة دون تكرار الأحداث المماثلة؛ يشارك الجانب الأذربيجاني موقف المجتمع الدولي هذا. إذ أنه أعلن إستعداده لإجراء تحديد وترسيم الحدود مع أرمينيا على أساس ثنائي على إثر إنتهاء الحرب الوطنية التي إستمرت 44 يوما. لكن أرمينيا، تحاول أن تتملص من ذلك بشتى الذرائع، وتسعى لإدخال القوى الثالثة من خلال الإفتعال المتقطع للأحداث على الحدود؛ يتشكل الموقف المبدئي للجانب الأذربيجاني من أن عملية تحديد الحدود وترسيمها، تحمل صفة ثنائية. وطبقا للتجارب والخبرات والممارسات الدولية، فيتعين أن يجد هذا الأمر حلا له عن طريق لجنة يتم تأسيسها ثنائيا. ويمكن مشاركة الأطراف الثالثة في هذه العملية إلا لتقديم الخدمات الإستشارية، وفي شكل المساعدات الفنية والأخرى؛ في سياق متصل، تحتوي مواقف عدد من الدول والهيئات الدولية على ربط الإشتباكات المسلحة التي وقعت، ب”صراع قره باغ الجبلية”، والدعوة في هذا الصدد لضرورة “حل شامل للقضايا المتصلة بصراع قره باغ الجبلية” أوعقد النقاشات في هذا الإتجاه؛ وإرتباطا بما ورد ذكره أعلاه، فإن موقف الجانب الأذربيجاني واضح ولا مواربة فيه: إن البيان الثلاثي عن 10 نوفمبر عام 2020، قد أنهى نزاع قره باغ الجبلية بين أرمينيا وأذربيجان. إبقاء مسألة “النزاع” في الأجندة، وإطلاق التصريحات بشأن ضرورة “حل شامل”، يعزز في الحقيق من المزاعم الإنتقامية في أرمينيا، وتخدم للحفاظ على الأوهام السياسية الخالية من الأساس؛ وينتظر الجانب الأذربيجاني من المجتمع الدولي أن يحث أرمينيا على نبذ المزاعم لا أساس لها بحق أذربيجان، والقيام بالخطوات البناءة نحو إقامة العلاقات الثنائية بين الدولتين وفقا لأحكام ومبادئ القانون الدولي، وبناءً على إحترام السيادة ووحدة الأراضي والحدود المعترف بها دوليا لكلاهما، وإطلاق عملية التحديد والترسيم للحدود الدولية.
nayrouz.com