خاص للشبكة العالمية للاخبار
الدكتور مختار فاتح بي ديلي
طبيب – باحث في الشؤون التركية وأوراسيا
بينما تدعي السلطات التركمانستانية أن فوهة الغاز في دارفازا تشكل تهديدًا على السلامة والبيئة ، فقد أعرب بعض العلماء عن شكوكهم بذلك جاء ذلك من قبل مقال نشرت في صحيفة النيوزويك الأمريكية.
تقع بوابة الجحيم على بعد 257.5 كم تقريباً من العاصمة التركمانستانية عشق أباد، وهي عبارة عن حفرة ضخمة تُعرف في تركمانستان باسم “بريق كاراكوم” أو “حفرة غاز دارفازا. تمتد هذه الحفرة المشتعلة بالنيران بطول (70 متراً) وعمق (21.3 متر)، وكان المُنقِّبون السوفييت أول من اكتشفوها أثناء محاولاتهم العثور على النفط في الصحراء.لم تخرج أي شياطين من بوابة الجحيم المفتوحة على مصراعيها في الصحراء التركمانستانية، مع ذلك يعتقد السكان المحليون في قرية دارفازا أن حفرة النار المشتعلة منذ عام 1971 قد تكون باباً من أبواب جهنم.وقد هجر السكان المنطقة المحيطة بها خوفا من ان تطولهم النيران أو حرارتها، ولكنها تحولت إلى مزار يجذب السياح خاصة من الغرب الذين يرغبون فى رؤية المكان أولا لتأمل غرابته، ثم معرفة قصته.
وحقيقة القصة كما نشرتها صحيفة «ديلى ميل» البريطانية، ان منطقة دارفازا من أغنى المناطق بالغاز الطبيعي في تركمانستان والتي تحتل المرتبة 24 عالميا في إنتاج الغاز الطبيعي، وفي عام 1971 وخلال عمليات الحفر والتنقيب عن الغاز في تلك المنطقة اصطدم الجيولوجيون بكهف مليء بالغاز الطبيعي. وحين بدأ الجيولوجيون بالتنقيب، تداعت القشرة الرقيقة حيث أصبحت غير قادرة على تحمُّل وزن الآلات السوفييتية الثقيلة. وانهار الموقع بكامله ما أدَّى إلى انفتاح حفرة في االسهل الصحراوي الرقيق. وسرعان ما أدرك الجيولوجيون أنهم يواجهون مشكلة .لم تبتلع بوابة الجحيم معداتهم وحسب، بل كانت تُسرِّب الغاز الطبيعي أيضاً.
ومع أنَّ الغاز كان بالأساس غاز ميثان غير سام، إلا أن هذا الغاز يجعل التنفس صعباً وبالتالي، فإن المستويات العالية التي تتسرب من بوابة الجحيم تجعل المنطقة معرضة جداً لوقوع كارثة كبيرة لذلك قرَّر الخبراء أنَّ عملية “الإحراق” قد تكون هي الحل الافضل.
اعتقد الخبراء في ذلك الوقت أنهم إذا أضرموا النار في هذه الحفرة التي ينبعث منها الميثان فسوف يحترق الغاز خلال أسابيع قليلة وينفذ لكنهم لم يكونوا مدركين لحجم الغازات التي يتعاملون معها، وبإضرامهم النار في الحفرة كانوا قد أشعلوا بوابة الجحيم التي بقيت ألسنة اللهب تتصاعد منها على مدار ما يزيد على نصف قرن، على مدار الخمسين عامًا الماضية ، لم يعد الاتحاد السوفيتي موجودًا ، ولكن استمرار احتراق الغاز في بوابة الجحيم موجودا حتى يومنا هذا.
على بعد 90 كيلو مترا من قرية دارفازا والتي يبلغ عدد سكانها 350 نسمة، انهارت الأرض تحت الحفارة المستخدمة في التنقيب مخلفة وراءها حفرة كبيرة يتجازو بقطرها 70 مترا تقريبا ,ولحل مشكلة تسرب الغازات السامة التي بدأت بالتصاعد، قام العاملون بحرق الحفرة، اعتقادا بأن النيران ستنطفئ في غضون أيام معدودة، ولكن الحفرة حولت المنطقة الى كارثة، وما زالت النيران مشتعلة حتى اليوم بعد أكثر من 51 عاما على حفرها وترتفع النيران في الحفرة إلى ارتفاع 15 مترا، وبحل احراق الغازات الذى يعد أفضل وأكثر أمانا من تسرب غاز الميثان إلى الجو- غاز الميثان يعد من الغازات.
وفي شهر إبريل عام 2010، زار الرئيس التركمانستاني «قربانقلي بردي محمدوف» موقع الحفرة وأمر بأن يتم إغلاق الفتحة أو اتخاذ إجراءات أخرى للحد من التأثير السلبي لعمليات التنقيب عن الغاز واستخراجه. كانت هناك عدة أسباب لإخماد النيران المشتعلة الشهيرة، بينها الآثار السلبية على صحة الأشخاص الذين يعيشون في الجوار، وإهدار موارد الغاز الطبيعي القيمة، إضافة إلى الأضرار البيئية. في حين يعتبر أن غاز الميثان من الغازات الدفيئة القوية ، حيث قال مارك تينغاي ، الخبير الميكانيكي في جيولوجيا البترولية في جامعة أديلايد ، لصحيفة النيوزويك الأمريكية أن الحفرة من المحتمل أن تساهم فقط ” مساهمة ضئيلة نوعا ما ” في انبعاثات الكربون في تلك المنطقة ,بينما قال رجل الاطفاء غييرمو راين ، المتخصص في إطفاء حرائق البترول من إمبريال كوليدج في لندن ” بأن اشتعال تلك الحفرة لا تؤذي أحدا , حيث علق في المقال على قرار تركمانستان إطفاء الحفرة التي اشتعلت فيها النيران منذ نحو 51 عاما . اقترح العلماء التركمان على وجه الخصوص الآن بحفر بئر مائلة في خزان الغاز الذي يغذي فوهة البوابة المشتعلة ، والتي أصبحت شيئًا من عوامل لجذب السياحي . ويعتقد الباحثون أن “إنتاج الغاز بالقوة من هذا البئر سوف يتحكم في التسرب ويقلل من انبعاثات الغازات المتسربة.
ويقول البريطانى ويل كيبينغ البالغ من العمر 58 سنة، والذى زار تركمانستان وأخبره أحدهم أن هذه الحفرة من جهنم مما أثار فضوله فقرر زيارة منطقة الصحراء قره قوم الكئيبة في تركمانستان للوصول إلى «بوابة الجحيم» وقال ويل بعد زيارته للموقع بأن«الحفرة خلال النهار لا تلفت الانتباه، فتبدو كحفرة في الصحراء. انما عند الاقتراب منها تظهر النيران في الحفرة، فإن الاستغراب يجتاحك، ويضيف لقد وقفت هناك أتأمل الفوهة، مع حجم وكثافة النيران في الداخل أكثر وضوحا، وكلما تحولت الشمس للمغيب، تحول الموقع ببطء الى فرن كبير وكأنه قطعة من جهنم.
هذا ولم تعلن حكومة تركمانستان حتى الآن جدولاً زمنياً لإخماد حفرة الغاز في دارفازا. وإذا لم يتم التوصل إلى حل، فإنَّها ستستمر ببساطة في الاحتراق حتى ينفد الميثان، ولو أنَّ العلماء ليس لديهم أي فكرة عن الفترة التي قد يستغرقها ذلك.ولكن حاليًا هناك بعض العروض المقدمة من دول أخرى للمساعدة في اخماد تسرب الغازات المنبعثة من بوابة الجحيم ، وقد أعرب علماء من بيلاروسيا وسلوفينيا عن اهتمامهم بالمشاركة في حل انبعاث تلك الغازات.