جهينة نيوز –
الأكاديمي مروان سوداح
هي المرة الأولى في حياتي التي أمكث فيها في مستشفى البشير، أسبوعاً كاملاً بنهاراته ولياليه. بدأت القصة في صباح أحد الأيام، قبل نحو أسبوعين، عندما اتصل معنا أحد الأطباء الطيبين، وأيقظني وزوجتي من نوم عميق وله كل الحق في ذلك، إذ طلب من عقيلتي تنفيذ شرطهم مرافقتها لي للعناية بوضعي، والتوجه مباشرة، “الآن ودون أي إبطاء” صوب مستشفى “البشير”، الواقع في جبل الأشرفية، وجمع حاجياتي الأساسية من البيت وأخذها للبشير للإقامة فيه، إجراء اللازم “عاجلاً” لمكافحة “كتلة سرطانية كبيرة” في القولون، “إذ يجب التخلص منها الآن وليس غداً”. وأكد الطبيب أنه يجب وقف تطور هذا الورم، “قبل أن يتفشى” في جسدي المُنهك منذ سبعة شهور كاملة، أي منذ يناير هذا العام 2022، فمذ ذاك الحين لم أكن أُدرك ماذا حل بي فقد كانت الأوجاع، التي عصفت بروحي قبل جسدي، شديدة للغاية وقد طرحتني الفراش. والغريب العجيب، أن “أكياس” الأدوية المتلاحقة والغالية الأثمان التي وصفها لي أطباء متعددون، للتصدي لأسقامي المتلاحقة، لم تُجْـدِ نَفْعـاً إطلاقاً، لا في علاج حالتي، ولا حتى في التخفيف من أَسْقَامي وأنيني! عملية الدخول إلى غرفة مرضى المستشفى للمكوث فيها طالت لعدة ساعات منهكة بعد وصولنا إليه، سيّما أنني لم أكن في حالة صحية تؤهلني التنقل بين المكاتب المختلفة لإنجاز معاملات الدخول. في النهاية، وبعد طول انتظار، تم تحويلنا للغرفة التي فرغت للتو، والتي مكثتُ أنا فيها نحو أسبوع واحد، حيث استمتعت وسُعدت بمرافقة مرضى غيري شغلوها مرتين. اللافت في الأمر، هو أن جيراني في الغرفة هم من شريحة المثقفين، وأصحاب المواقف المشرفة في كل القضايا والشؤون، وهو ما أسعدني جداً. قبل أن أشغل سريري، تعرفتُ على عدة أطباء محترمين وغاية في الروعة ودماثة الخُلُقِ، وِحُسْنِهِ، واللُّطْفِ، والرِّقَّةِ، وعُلو الأخلاق، وهم أصحاب خبرات واسعة في مجالهم الطبي وفي حالتي المرضية بالذات كذلك، وكان لطفاً كبيراً أيضاً من ملائكة الرحمة المُمَرِّضات اللواتي بذلن كامل طاقتهن لأكون أنا في أفضل حال، وكانت ابتساماتهن متواصلة، وإرشاداتهن علمية متصلة. ومن أسماء الأطباء الذين أذكرهم، طبيبي المُعَالِج الدكتور الماهر غاندي العمايرة، الذي ترأس العملية الجراحية لي في “القولون” سوياً مع عددٍ من زملائه القديرين وغيرهم من النطاسيين الذين أشرفوا على متابعة حالتي سابقاً ولاحقاً، وضمنهم الدكتور فرسان فرسان خريج مدينة دونيتسك، والدكتور باسل النمورة، وزميله الدكتور فارع الوريكات، وقد بذلوا جميعاً بدون استثناء، وغيرهم، الكثير الكثير في مسارات وأوجه العناية بي، والحدب علي ومتابعتي، وبذل المساعدات المتميزة، وزيارتي في الغرفة صباحاً ومساءً، وفي مختلف ساعات النهار، وتوجيه النصائح الطبية لي، وأحاطتي بمحبتهم المتواصلة وحنوهم، ونصائحهم الطبية السديدة، وهو مظهر خَفَّفَ آلامي، ما يؤكد علو مكانة الصرح الطبي الأردني، ومهارات أطبائنا حفظهم الله جميعاً، ومديات إنسانيتهم الشاسعة، وأسلوبهم الجميل في إدخال الراحة والاستقرار لعقول وقلوب المرضى، مِمَّا يساهم، وقد ساهم فعلاً، في ارتفاع النسبة المئوية لنجاح العمليات الجراحية للراقدين على أَسرَّة الشفاء، والقفز بالتالي عن جملة من المُعيقات التي أولها النفسية، والتي يُعالِجُها هؤلاء الأطباء بكل براعة. شكراً، وألف شكر لجميع الأطباء والمُمرضات والممرضين، ولطاقم “البشير” المتميز، الساهر على خدمة أرواح المواطنين والأجساد المُتعبَة في قِلاعِهِ الطبية الكثيرة التي ترد الألم والأوجاع والأمراض على أعقابها، والذي يُسعف الجميع، ومَن لا تمكنهم قُدراتهم تلقي العلاج الباهظ الثمن في غيره من مواقع الطبابة، ليتمتع المواطن بالسلامة والأمان والمحبة فيه.
https://johinanews.com/article/194722