مصطفى كمال أتاتورك
بقلم الدكتور مختار فاتح بي ديلي
باحث في الشأن التركي و أوراسيا
“العاشر من تشرين الثاني (نوفمبر) ، الذكرى 83 لوفاة الغازي … مصطفى كمال أتاتورك إلى الأبدية”.
مما لا شك فيه أن أجمل بزوغ للشمس كانت يوم ولادة الجمهورية التركية بعد أنهيار اعظم امبراطورية في التاريخ وذلك بعد ان تكالبت على الامبراطورية العثمانية كل الدول الاستعمارية واعوانهم وذيولهم من الخونة في المنطقة. ذكرى 83 لرحيل القائد الغازي مصطفى كمال أتاتورك ، الذي جعل نور الجمهورية التركية الحديثة يسطع على بلادنا من جديد، وأنقذ أمتنا وأرضنا من الانهيار الكامل والسقوط في ظلام الاحتلال الدول الغربية استطاع الراحل أتاتورك بصفته الجهة الوحيدة المعبرة عن تطلعات الاتراك بعد أنهيار الامبراطورية العثمانية ، في جذب فئات مختلفة من الشعب من الوجهاء المحليين، والعلماء، والجبهات الوطنية والقومية التي شاركت في الحرب ضد المستعمر الذي كان يتربص في احتلال الاناضول، حيث ابلى أجدادنا الشجاعة للدفاع عن تراب وطنهم حتى آخر قطرة من دمائهم ، وأشعلت النار في صدر أمتنا لتأسيس جمهوريتنا الحديثة.
ان الغازي مصطفى كمال أتاتورك ، رمز الاستقلال والوحدة في النظام العالمي ,السلمي بأفكاره وتطلعاته الوطنية الواسعة ، هو بلا شك كان رجل دولة عبقري نال احترام وتقدير الاتراك والعالم .
هو أعطى دروسا في النضال الوطني إلى الذين حاولوا تدمير واحتلال تراب وطننا التي تعتبرها أمتنا العزيزة أغلى من أرواحهم ، لقد أسهم الكفاح الوطني والقومي بدور رئيسي وحاسم، في احياء الشخصية الوطنية وانبعاث الحركة الوطنية المستقلة للشعب التركي ضد قوى الطغيان في تلك الفترة الذين حاولوا احتلال ماتبقى من أراضي الامبراطورية العثماية . واقترنت اليقظة المتجددة للوعي الوطني للشعب التركي، والنهضة المعاصرة للثورة والاستقلال ، بانطلاق حركة المقاومة المسلحة،في جناق قلعة وسقاريا ودولمابينار وغيرها من المناطق التي سرعان ما رسخت جذورها في أعماق الجماهير الشعبية في الاناضول، وانتجت بدور مهم في تنظيمها وتعبئتها وتسليحها، وتمكينها من حمْل قضيتها الوطنية بأيديها، والمشاركة في معارك الاستقلال ضد المحتلين وأصبح الفدائي قواي ملي رمزاً، تلتف حوله جماهير الشعب التركي، في كلِّ مكان، وترى فيه تعبيراً عن خصوصيتها وانتمائها الوطني وهويتها المستقلة.
أتاتورك ، الذي أعطى الأمل لأمته في احياء دولته من جديد في أصعب الأوقات عندما كان العدو يريد احتلال ترابيها من جميع الجهات ، أتاتورك بهويته كمفكر ورجل دولة عظيم ، أرسى أسس تركيا الحديثة بشجاعتة وبنى مستقبلًا جديدًا في هذه الأراضي مع رفاقه في السلاح.
إن “تاريخ 30 أغسطس / آب هو أحد أهم نقاط التحول في تاريخ وطننا، ففيه أحبطت أمتنا النوايا الإمبريالية التي وضعت لها عمرا محددا، وتم تمهيد الطريق لتأسيس الجمهورية التركية الحديثة.عبر هذا الانتصار الذي تم تحقيقيه على الرغم من كل أنواع الفقر والاستحالة، أكدت امتنا مجددا أن هذه الأراضي، التي أصبحت موطننا عام 1071 عقب معركة ملاذكرد هي وطننا الأبدي والخالد. إن الروح والإيمان والإرادة التي ألهمت النصر العظيم ترسم مسار أمتنا اليوم كما كانت قبل 99 عاما.
إن الهجوم الكبير الذي انطلق في 26 أغسطس / آب 1922 تحت قيادة القائد العام غازي مصطفى كمال، توج بالنصر الحاسم في معركة دوملوبينار بعد 4 أيام من القتال الضاري. وعبر هذا الانتصار المجيد الذي دخل تاريخ الحروب العالمية من أوسع أبوابها، أظهرت الأمة التركية أنها لن تقبل أبدا أن يرزح وطنها المروي بدماء الشهداء تحت نير أي جهة.
الزمن الذي نحن فيه الان ، وتمشيا مع الأهداف التي حددها أتاتورك ، نواصل تقدمنا على طريق الحضارة التي أضاءها بشعلة لا تُطفأ.
وخير دليل على ذلك النجاحات التي حققناها في كل مجال، بدءا من الصناعات الدفاعية والاقتصاد، والسياسة الخارجية والطاقة، ووصولا إلى مكافحة المنظمات الإرهابية التي تعمل كبيادق وتستهدف وحدة بلدنا وسلامته. تركيا اليوم باتت شعلة أمل بالنسبة لمئات الملايين من الأصدقاء والإخوة في المنطقة التي تجمعنا معها أواصر المحبة بدءا من البلقان وآسيا ووصولا إلى أفريقيا وأوروبا، وليس فقط لمواطنيها الذين يقطنون داخلها والبالغ عددهم 85 مليون نسمة.
مهمتنا الكبرى على هذا الطريق هي ألا ننسى أبدًا كفاح ونضال أجدادنا عبر التاريخ لجعل هذه الأراضي وطنًا لنا ، ولأجيالنا القادمة ، وجعل جمهورية التركية دولة مزدهرة ومحترمة وقوية في العالم .
ستمضي تركيا قدما نحو غدنا المشرق مع 85 مليون نسمة من أبناءه بوحدة وسلام وأخوة وبتوجيه من الإيمان الذي ازدهر وتطور في معركة دوملوبينار قبل 99 عاما. بهذه المشاعر والأفكار نتذكر ونحيي الذكرى الثالثة والثمانين لوفاة القائد العظيم غازي مصطفى كمال أتاتورك ، الذي كتب اسمه في التاريخ التركي والعالمي بأحرف من ذهب ، أحيي ذكراه باحترام وامتنان ، وأعبر عن امتناننا اللانهائي لما قام به من أجل استقلال ومستقبل الأمة التركية. وأسأل الله تعالى الرحمة له والمغفرة. كما أسأل الله تعالى الرحمة والمغفرة لشهدائنا الذين ضحوا بأرواحهم من أجل وطننا وآذاننا ورايتنا واستقلالنا.