قراءة في الانتخابات الرئاسية لكازاخستان وفوز الرئيس توكاييف

بقلم: محمد سلامة

أسفرت الانتخابات الرئاسية الكازاخية التي أجريت قبل ساعات وتنافس فيها 6 مرشحين من بينهم الرئيس قاسم جومارت توكاييف عن فوزه بفترة رئاسية جديدة مدتها سبع سنوات، بعد أن حصل على اكثر من 82 في المائة، بينما حصل كل من المرشحين الخمسة على أقل من 5 في المائة الأمر الذي اعتبرته المنظمات الدولية الغربية كمنظمة الأمن والتعاون الأوربي انه لب مشكلة الديمقراطية في البلاد حديثة العهد بالديمقراطية.
ان تلك الملاحظة شملت كل الانتخابات الرئاسية التي جرت في دول اسيا الوسطي وحتى بعض الدول النامية والعالم الثالث.
فكيف يحصل مرشحا على 80 في المائة واخرين منافسين يحصل كل منهم على اثنين او تلاثة في المائة.. فأين الخلل؟ .. وهل الخطأ في تطويع الديمقراطية لمرشح معين؟ ، ام الخلل في المرشح الذي لم يلتفت اليه الناخبون؟ ..
والقراءة المتآنية لنتائج الانتخابات الكازاخية تشير إلى مجموعة من العواملمنها
انه تم تجهيز البيئة الأساسية للانتخابات بتعديلات دستورية في شهر يونيو الماضي من أجل إتاحة المزيد من الفرصة للمشاركة المجتمعية في الانتخابات، وتعميق الممارسة الديمقراطية في أعقاب اضطرابات شديدة شهدتها البلاد في العاصمة القديمة الما أتا في يناير الماضي احتجاجا على الفساد وتردي الأوضاع الإقتصادية والبطالة ادت لمقتل المئات وإصابة الالاف، اضطرت معها الدولة إلى اتخاذ قرارات صعبة وحاسمة لتصويب الأوضاع وإنهاء الاحتكار السياسي والفساد وتركيز السلطة والاستئثار بها واثراء الأقارب والمحاسيب على حساب الشعب، لقد كان الهدف منذ اللحظة الاولي لتولي الرئيس قاسم جومارت توكاييف سدة الحكم هو العمل على تدشين جمهورية جديدة تسير على طريق الديمقراطية باصلاحات ممنهجة وتتسع لكافة الاطياف السياسية والمذاهب التي تهدف إلى ترسيخ قيم المواطنة والاستقرار والتنمية والرفاهية في بلد يملك كل الموارد الطبيعية التي تؤهله ليكون في مصاف الدول الكبرى اذا احسن التخطيط والتنفيذ لتلك الموارد التي تكفي وتزيد كثيرا لستة عشر مليون كازاخي يعيشون عل مساحة قارة تصل الي 2،7 مليون كيلو متر مربع. في اسيا الوسطى، وتعتبر جسرا ثقافيا وحضاريا اورواسيويا تضرب في عمق التاريخ بثقافتها وحضارتها.
التحول للجمهورية الثانية في كازاخستان تم من خلال تنقية القوانين، وتحمل كامل السلطة والمسؤولية غير منقوصة، بعدان كادت البلاد تذهب في مهب الريح.
وتشير القراءة لنتائج الانتخابات ان الدولة وفرت إلى حد ما الأرضية المناسبة لإجراء انتخابات رئاسية بتعديل الدستور وسن قوانين انفتاحية نسبيا على الفضاء الديمقراطي وان كان المواطن الكازاخي يأمل في المزيد.
لقد اشادت الصين وروسيا ودول اسيا الوسطى بنتائج الانتخابات وأهمها البعثة الدولية الصينية التي راقبت الانتخابات، وكذلك بعثة منظمة دول الكومنولث، وبعثة منظمة شنغهاي، وبعثة منظمة التعاون الإسلامي، غير ان لجنة حقوق الإنسان التابعة لمنظمة الأمن والتعاون الأوربي انتقدت عدم الشفافية وصعوبة حصول المنافسين على فرص متكافئة، وعدم تطويع القوانين في تيسير انتخابات ديمقراطية. وهذا ما دأبت عليه المنظمة تجاه كل الانتخابات في دول اسيا الوسطى منذ الاستقلال قبل ثلاثين عاما وحتى الآن، وهو ما يشير إلى احتمالية اتخاذ موقف مسبق ليس من انتخابات كازاخستان فقط، بل من كل انتخابات دول اسيا الوسطى سواء البرلمانية او الرئاسية.. وهو مايحتاج إلى تفسير من منظمة دول الأمن والتعاون الأوربي.
ان الملاحظ من تقارير منظمة الأمن والتعاون الأوربي في كل انتخابات دول اسيا الوسطى. يشير إلى تفسير واحد وهو الظن ان تلك الدول لم تخرج بعد من إرث الاتحاد السوفيتي، وعباءة الحكم الفرد، وان المرشحين (السنيدة) للمرشح المطلوب هو لتكملة الصورة، واخراج المشهد كما خطط له، ومازالت تلك الدول تتمسك بآسلوب ونظرية الرأي الواحد مهما كانت الرتوش والدهانات.
صحيح ان انتخابات دول اسيا الوسطى تشوبها احيانا خروقات وعدم شفافية وحتى في بنية القوانين المنظمة للانتخابات، ولكنها سطرت نموذجا بدرجة ما من درجات الديمقراطية.. صحيح انه لم يصل بعد إلى النموذج الأوربي.. ولكنه خطوة على الطريق. فالمقارنة مع الديمقراطية الغربية ظلم لدول استقلت من عباءة الشيوعية بالكاد قبل ثلاثين عاما، ونتائج انتخابات كازاخستان خطوة مهمة على طريق الديمقراطية.