الدكتور مختار فاتح بي ديلي “يكتب للشبكة العالمية للاخبار من تركيا ” العلاقات التركية المصرية ودورهما المركزي في المنطقة
بقلم الدكتور مختار فاتح بي ديلي
طبيب وباحث في الشؤون التركية وأوراسيا
هناك ثمة تطورات مهمة حدثت وستحدث في الفترة القريبة الماضية والمقبلة، ستفرض نفسها على إيقاع الاحداث الجارية في المنطقة العربية والعالم من تحسن العلاقات العربية الخليجية الخليجية وقطرية مصرية من ناحية ومن ناحية اخرى تحسن وتطور العلاقات التركية الاماراتية والسعودية والاسرائيلية من جهة أخرى والان عودة العلاقات المصرية التركية الى سابق عهدها بتعيين سفيرا تركيا جديدا لدى القاهرة ان دل يدل على الروابط التاريخية والاخوية بين البلدين حيث قال المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالين في وقت سابق خلال مقابلة في عام 2021 إن “مصر تمثل عقل العالم العربي وقلبه.
كان بين سلسلة تصريحات أطلقها مسؤولون أتراك كبار في نهاية العام الماضي، أكدت جميعها رغبة تركيا في فتح صفحة جديدة مع مصر ودول الخليج العربي وإسرائيل، ومع أن هذه التصريحات ليست جديدة، فإن إطلاقها بهذا الشكل وفي هذا التوقيت كان أقرب إلى رسائل سياسية ودبلوماسية، مفادها استعداد تركيا لاتباع سياسة إقليمية جديدة في المرحلة المقبلة.
أن العمل لعودة العلاقات بين البلدين إلى طبيعتها بات استراتيجياً لمصلحة البلدين، المسار يشهد بين حين وآخر بعض التعثر أو التدهور، وهو أمر لا ينفي أهمية عودة العلاقات في ظل التحديات الكبرى التي تواجه المنطقة، وما تفرضه من ضرورة للتنسيق والتشاور بين دولها الكبرى.
وتبقى جمهورية مصر العربية في له مكانة خاصة في منطقة الشرق الاوسط والعالم، كونها البلد الذي لديه أكبر خبرة دولة وأكبر جيش عددًا في العالم العربي، وأحد أكثر الأنظمة استقرارًا في المنطقة حاليا.
من هنا نجد بأن العلاقات التركية المصرية التي يعود جذورها ضاربة في القدم من معاهدة قادش، المعروفة كأول معاهدة دولية كتبت في تاريخ البشرية، وُقعت بين الدولة الحثيّة في منطقة الأناضول ومصر عام 1274 قبل الميلاد.
من جهة اخرى يعود توطين واستقرار الأتراك في مصر إلى عام 868م. حيث حكم مصرَ حكامٌ من أصول في وقت من الأوقات
والى يومنا هذا هناك جالية تركية نبيلة تعيش في مصر، سواء كانوا مقيمون قبل نهاية الإمبراطورية العثمانية أو الذين استقروا للعيش طوعًا وحبا في مصر بعد تفكك الإمبراطورية العثمانية . من هنا نقول بإن الشعبين التركي والمصري ليسا صديقين فحسب، بل هم أقرباء وأشقاء عبر التاريخ لايفسد ودهما لا السياسة ولا الاقتصاد,على الرغم من وجود بعض المشاكل التي كانت عالقة في العلاقات السياسية بين تركيا ومصر منذ عشرة سنوات تقريبا الا ان الشعبين بقوا على ترابطهم الاخوية فيما بينهمها لم تؤثر تلك المشكل للروابط التاريخية بين الشعبين.
حيث أن العلاقات الاقتصادية استمرت وتحسنت بين البلدين،حتى خلال فترة التوتر السياسي كما ارتفع عدد الطلاب المصريين الراغبين بالدراسة في تركيا بنسبة 25% خلال السنوات العشرة الأخيرة ،ومن جهة اخرى واصل ضباط مصريون تدريبهم في تركيا.
لذلك ان تعيين تركيا سفيراً جديداً لها في مصر هو السفير صالح موتلو الذي كان ممثل تركيا السابق لدى منظمة التعاون الإسلامي بعد 9 سنوات من الأزمة السياسية بينهما يدل على أن أواصر الاخوة بين الشعبين متواصلة وستتواصل لان التصالح من اجل مصلحة الشعوب لوحدها و لتذهب السياسيه الى الجحيم..
لم تكن هناك عداوة بين الشعبين في تركيا ومصر، وكل ما يريده ويحتاجه الشعبين هو الاحترام المتبادل فيما بينهما، وأن يعرف كل واحد قدره دون استعلاء أو استصغار،ودون مزايدة بعضهم البعض فالاتراك والمصريين بحاجة إلى فهم بعضهم البعض،وأن يضع كل طرف نفسه مكان الآخر..
يجب الخروج العلاقات بين الدولتين من القوقع الضيقة إلى العالمية، والاهتمام بمشاكل وهموم الفعلية لمصالح الشعبين الصديقين ، ومحاولة معالجتها وتجاوزها بالتعاون المشترك على كافة الاصعدة والخروج من المحن السابقة أكثر قوة وتماسك ووعي من أجل الرقي واللحاق بركب البلدان والمجتمعات المتطورة، وضمان مستقبل مزدهر للاجيال القادمة لا ينظر إلى الوراء أبدا.
تتشابه تركيا ومصر في الكثير من الامور فالدولتان هم من أكبر الدول في المنطقة من الناحيتين الاقتصادية والتجارية، في خلفياتهما التاريخية الغنية والمشتركة، وتموضعهما الجيوستراتيجي، وامتلاكهما القوى العاملة المتقدمة والموارد الطبيعية، مما يهيئ أرضية واسعة للتعاون الاقتصادي والتجاري.
حيث تمتلك تركيا القدرة الاقتصادية والخبرة الفنية اللازمة للتصنيع، بتكلفة أقل وجودة عمل أفضل من جميع الشركات العاملة في مصر، وفي جميع المجالات كالبناء والدفاع والتعليم والصحة.
ومن المؤكد أن تطوير العلاقات السياسية والاقتصادية والعسكرية، وزيادة أنشطة التعاون في مختلف المجالات بين مصر وتركيا -الدولتين الصديقتين والشقيقتين- سيسهم في السلام والاستقرار بمنطقتنا.
دون شك، فإن التحولات التي تشهدها السياسة التركية تجاه العالم العربي على وقع متغيرات إقليمية ودولية، تحظى باهتمام عربي كبير، وما المبادرات الإيجابية، التي تبديها دول المنطقة تجاه هذه التحولات، إلا مقدمات إيجابية، ما يؤكد الحرص على إتمام عملية التقارب من جهة، ومن جهة ثانية الحرص على إيجاد حل للملفات الخلافية، تطلعا إلى فتح صفحة جديدة في العلاقات التركية العربية عموما.
في نهاية المطاف لنكن صريحيين جدا فالدولتان التركية والمصرية لم يكونا أعداء حتى يتصالحوا ،ولكنهم لم يكونا أحبابا ايضا خلال السنوات العشرة الماضية.. لذلك يجب وضع كافة الخلافات جانبا والنظر الى الامام من أجل مصلحة البلدين الشقيقين وعلى كافة الاصعدة . وعلى ضوء المكاسب المشتركة المرجوة من تحسن علاقات البلدين الكبيرين في الشرق الأوسط فإن تطبيع علاقات البلدين أمر لا مفر منه طال الزمان أم قصر.
wwnewss.com