كتبت أسماء احمد بحيري الطالبة المصرية في فصل تعليم اللغة الأذربيجانية لدى جمعية الصداقة الأذربيجانية المصرية مقالا في عنوان “مأساة 20 يناير شكلت هوية أذربيجان الوطنية”. تعيد وكالة أذرتاج نشر المقال:
“على مدار القرن العشرين عانت أذربيجان من مذابح ومجازر عديدة على أيدي الأرمن تارة أو السوفييت الروس تارة أخرى، وهي أحداث مؤسفة ذهب ضحيتها عشرات الآلاف من أبناءها، إلا أن مأساة عشرين يناير عام 1990، التي نفذها الجيش السوفيتي ضد المدنيين الأبرياء كان لها وقع خاص في قلوب الشعب الأذربيجاني.
اعتقد الجيش السوفيتي أن التخويف والإرهاب هما الوسيلة المثلى لفرض إرادته على المواطنين، والسيطرة على عقولهم وفرض أوامره عليهم، ولكن الرفض الشعبي كان أقوى من الدبابات والمدافع. وفي 20 يناير 1990، بأمر من ميخائيل جورباتشوف الأمين العام للجنة المركزية للحزب الشيوعي للاتحاد السوفيتي، دخلت قوات الجيش الأحمر ورجال لجنة أمن الدولة عصمة أذربيجان باكو. وعدة مناطق أخرى من أذربيجان، رافق احتلال باكو من قبل مجموعة كبيرة من القوات الخاصة والقوات الداخلية للجيش السوفيتي قسوة خاصة ووحشية غير مسبوقة. قبل إعلان حالة الطوارئ قتل الجيش بوحشية 82 شخصًا وجرح 20 آخرين. وفي غضون أيام قليلة بعد إعلان حالة الطوارئ، قُتل 21 شخصًا في باكو.
ونتيجة للتسلل غير القانوني للقوات، قتل 131 شخصا وجرح 744 في باكو والمناطق المحيطة بها. وكان من بين القتلى نساء وأطفال وشيوخ ومسعفون وشرطة. كما ترافق التسلل غير القانوني للقوات مع اعتقالات جماعية للمدنيين.
خلال العملية، تم اعتقال 841 شخصًا بشكل غير قانوني في العاصمة باكو ومدن ومناطق أخرى في البلاد، تم إرسال 112 منهم إلى سجون في مختلف مدن الاتحاد السوفيتي. أطلق الجيش النار على 200 منزل، و80 سيارة بينها سيارات إسعاف، ودمر عدد كبير من الممتلكات العامة والخاصة جراء الرصاص الحارق.
تصرفات قوات الجيش الأحمر السوفيتية ترتقي لجرائم الحرب التي ارتكبتها قوات ألمانيا النازية في الحرب العالمية الثانية، والتي أدانتها المحكمة الدولية فيما يعرف في التاريخ بـ”محاكمات نورمبرغ”. ويُطلق على ضحايا 20 يناير 1990، لقب “شهداء 20 يناير”. في المجموع، يوجد في أذربيجان ١٥٠ شهيدًا من “٢٠ يناير”.. لم تكن مأساة يناير مأساة وطنية فحسب، بل أظهرت أيضًا التصميم الراسخ للشعب الأذربيجاني.
حضر حوالي 2 مليون شخص الجنازة في حديقة الشهداء. وبناءً على طلب الشعب، عقدت جلسة طارئة لمجلس السوفييتي الأعلى لجمهورية أذربيجان الاشتراكية السوفياتية وتم اتخاذ قرار برفع حالة الطوارئ في باكو ، لكن معظم كبار المسؤولين في الجمهورية لم يحضروا الجلسة.
وبمبادرة من الرئيس الأذربيجاني “إلهام علييف”، تم ترميم وإعادة بناء حديقة الشهداء وتشييد مجمع تخليدًا لذكرى شهداء 20 يناير. ويعتز الشعب الأذربيجاني بذكرى شهداء 20 يناير في كل عام، وهي الذكرى التي تصاحبها ازدحام كبير حيث يزور الضريح “شهيدلر” مئات الناس سواء من أهالي الضحايا أو مسئولين على المستوى الرسمي والشعبي.
ويضع الأهالي أزهار القرنفل الحمراء على قبور شهداء الاستقلال، ويتذكرونها بكل فخر ، ويلعنون قاتليهم ويعبرون عن كراهيتهم العميقة لمرتكبي هذه المأساة في 20 يناير من كل عام، الساعة 12.00 بتوقيت مدينة باكو، يتم إحياء ذكرى شهداء 20 يناير في جميع أنحاء أذربيجان مع دقيقة صمت، وإشارات صوتية من السفن والسيارات والقطارات، ويتم إنزال الأعلام الوطنية إعلانا للحداد في هذا اليوم.
كان لهذا الحدث الذي صنع حقبة أثر حاسم على تشكيل الهوية الوطنية لأذربيجان وكان نقطة تحول في استعادة استقلال الدولة. بعد هذه المأساة، أصبحت حركة التحرير الوطني واقعا سياسيا كاملا، لا رجوع فيه، ولم ير الشعب مستقبله إلا في أذربيجان المستقلة.”