عيد واحتفالات حَوْلَ العَالم.. وأخيراً تَحرِير “لاتشين”

الأكاديمي مروان سوداح

بالإعلان التاريخي لرئيس جمهورية أذربيجان والقائد الأعلى للقوات المسلحة، إلهام علييف، عن تمكين القوات المسلحة الأذربيجانية الانتشار داخل لاتشين في منطقة قره باغ الأذربيجانية الاقتصادية الخاصة، وإحكام السيطرة عليها، وعلى قريتي زابوخ وسوس، تدخل أذربيجان في سياق مرحلة تاريخية جديدة، هي حقبة التحرير الكامل لترابها المحتل في قره باغ – المنطقة الاقتصادية الخاصة، المُعتَرف بها دولياً كجزء لا يتجزأ من أذربيجان، والتي رزحت تحت حِراب الاحتلالية الأرمينية لمدة ثلاثة عقود من الزمن، رافقها القَتل والسَّحل للأذربيجانيين، ونهب المنطقة أرمينياً، وتخللتها محاولات يرفان الفاشلة تفعيل أيديولوجية ونهج مايُسَمَّى بِـ”القضم والهضم” التوسعية في هذه المنطقة الإستراتيجية، تطلعاً لمَحو هويتها التاريخية الأذربيجانية وصبغها بالأرمينية فقط. هذه المرامي “النيوإمبريالية” فشلت تماماً لأسباب وعوامل عديدة، ليبدأ عصر تحرير جديد جُلَّة توحيد جميع الأراضي الأذربيجانية تحت السيادة الوطنية والعَلم الأذربيجانيين. جاء هذا التحول المفصلي إثر تأكيدات باكو استعدادها لبسط سيطرتها على منطقة “ممر لاتشين”، والتي تشمل مدينة لاتشين “وتعني الصقر” ومحيطها، بموجب الاتفاق الذي توصلت إليه الأطراف الثلاثة باكو، وموسكو ويريفان، في العاشر من نوفمبر2020، عقب معارك “قره باغ” التي كانت بداية هزيمة يرفان ومشاريعها التوسعية قوقازياً، وبزوغ فجر أذربيجاني وضاء، بخاصةٍ عندما بدأ الجيش الأذربيجاني في 27 سبتمبر2020، عملية تحرير إقليم “قره باغ”، إثر عدوان شنه الجيش الأرميني على مناطق مدنية مأهولة. ويُذكر، أنه في مايو1992 احتلت أرمينيا لاتشين، وخلال الأعوام الثلاثين التي أُجبرت خلالها لاتشين الخضوع القسري للاحتلال، والتعرض لحملات القتل، تم فيها توطين مُهجَّرين أرمينيين بطرقٍ غير شرعية، بعدما تم استقدامهم من سورية ولبنان على وجه التحديد. تزامن عودة لاتشين لأذربيجان الأُم، إعلان السفيران الفرنسي والأمريكي لدى أذربيجان رفضهما السفر إلى مدينة شوشا، وشكّل ذلك خروجاً على الأعراف الدبلوماسية، و”إهمال سافر من قبلهما لدعوة حكومة أذربيجان”، كما وصف ذلك السيد حكمت حاجييف، مساعد رئيس جمهورية أذربيجان، ومدير قسم السياسة الخارجية لدى الديوان الرئاسي، في تصريح أدلى به للصحفيين. وأضاف حاجييف: “نصِف هذا التصرف بعدم الاحترام لوحدة أراضي أذربيجان.. إن فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية اللتين كانتا رئيستين مشاركتين في “مجموعة منسك” المنبثقة عن منظمة الأمن والتعاون الأوروبي، لم تقدما أي مساهمة في حل النزاع خلال 30 سنة متتابعة.. وأضاعتا وقت أذربيجان خلال ثلاثة عشريات مضت.. وعدم المشاركة في هذه الزيارة، يَكشف مرة أخرى عدم اكتراث السفيرين”، وهو لعمري موقف حكومتيهما الحقيقي غير الصديق لأذربيجان وحقوقها القانونية والإنسانية غير القابلة للتصرف أو المساومة. نَعلم وندرك جيداً مواقف “مجموعة منسك” الفاسدة، والفاشلة، والراكدة أصلاً، والآسنة، والبائرة فعلاً، والتي لم يكن لها أي دور حقيقي بوجه الاحتلال الأرميني “ولا حتى بالكلام”، وهي جماعة لم تطالب في الواقع ولم تنشط لتكنيس القوات الأرمينية من الأراضي الأذربيجانية المحتلة. واليوم، يتبيّن بجلاء “عدم رضا” هذين السفيرين ومِن ورائهما بلديهما عن عودة أراضي ومدن أذربيجانية جديدة لحضن الوطن الأُم الآمن، مايؤكد لا لزوم العمل مع هذه الدول وممثليها لحل أي قضية في المجال الاستعماري لأرمينيا وغير أرمينيا، ذلك أن تلكم الأطراف كانت وما زالت متورطة ضد حقوق أذربيجان، ويَعرف الجميع عن ذلك، بخاصة سلوكها غير المتوازن والمشوب بالغموض في مساندة أرمينيا واحتلاليتها لأراضي أذربيجان، وهو يطابق تماماً مايحصل في الدول القابعة تحت حِراب الاستعمار الدولي حتى اللحظة دون نصير لشعوبها المغلوب على أمرها. باسمي واسم “اللوبي العربأذري الدولي” الذي أنا أترأسه، نبارك لشعب أذربيجان الشقيق بهذا النصر الجديد المؤزر الذي يطوف الآفاق، والذي يُسهم في تقليص فجوة الاستعمار الدولي بكل تجلياته ودوله الكولونيالية، وكلنا أمل في أن يكون هذا التحرير بدايةً لخطوات أخرى واسعة لتحرير كل بقعة أذربيجانية وغير أذربيجانية قائمة في رياح المعمورة، مازالت تئن مُكَبَّلةً بأصفادِ الاحتلال وأصحاب العَتمة البَرَانيَّة السوداء، ولأجل تمكين السلام الشامل والاستقرار الناجز في منطقة القوقاز وجنوبه، لتنعم شعوبه ببركة الحياة المقدسة، والسلام العادل والشامل والناجز والدائم، والذي هو حُلمٌ ليس بعيد المَنال بسواعدِ المجاهدين الأذربيجانيين المفتولة التي تواجه الحديد والنار، وتذللها وتذل عدوهم، وتقهر مَن ظلمهم على مَدار العشريات المَطويَّة.

http://www.nbnjo.com/post.php?id=183121