الأُردن وأذربيجان وجامعات التآخي في البلدين

يلينا نيدوغينا

السياسة الناجحة لأذربيجان لفتت انتباهي كثيراً، بخاصة في مَنحى إقامة جامعات لها في دولٍ متعددة، وإنشاء أُخرى متخصصة على أراضيها الأذربيجانية بالتعاون مع طائفة من البلدان، على مِثال الجامعة الأذربيجانية – الإيطالية المشتركة، التي تم وضع حَجر الأساس لها مؤخراً في باكو، خلال احتفال مهيب. ولتعظيم الأهمية المحلية والدولية لهذه الفعالية اللافتة للأنظار، بادر إلى المشاركة فيها؛ وفقاً لوكالة الأنباء الأذربيجانية الرسمية “أذرتاج”؛ وزراء الخارجية الأذربيجاني “جيهون بايراموف”، والطاقة “برويز شاهبازوف”، والتعليم “أمين أمر الله يف”، ووزير الخارجية والتعاون الدولي الإيطالي، “لويجي دي مايو”.
شُهرة الجامعات الأذربيجانية معروفة على نطاق الدنيا منذ القِدم، وهي ذائعة الصيت أيضاً في الأُردن والجهات الأربع للكرة الأرضية، ومِثال واحد هو الأبرز على ذلك، إنَّ مِن بين خريجي جامعة باكو الحكومية إثنين من رؤساء أذربيجان، وهما الرئيس السابق لأذربيجان حيدر علييف – الشخصية البارزة إبَّان حقبة الاتحاد السوفييتي، وقد تخرّج من كلية التاريخ؛ وأبو الفاس الشيبي الذي تخرّج من كلية اللغة العربية وآدابها، كما تخرّج منها ليف لانداو الفائز بجائزة نوبل، إذ دَرَسَ فيها بين سنوات 1922 – 1924. وتحتل جامعة باكو الحكومية مركز الصدارة في أذربيجان، ذلك أنها أحرزت الترتيب العالي وفقاُ للأداء الأكاديمي المتقدّم في تقييم الهيئات الدولية لها.
في الأردن أيضاً توجد ذات السياسة الناجحة بإقامة جامعات أجنبية على أرض المملكة، أو أخرى ثنائية الإدارة. ولهذا، أنا أعتقد إنه قد آن الأوان لبحث هذا الملف في سياق العلاقات التعليمية والعلمية بين البلدين، لِمَا في ذلك من قِيمٍ مُضَافةٍ عديدة يمكن لها أن تصب في صالحهما، والأهم أيضاً في ذلك هو تقريب الشعبين من بعضهما البعض إنسانياً، وعلمياً، وثقافياً، وتمتين هذا وغيره من خلال نشر اللغة العربية وشقيقتها الأذربيجانية التي تُعتَبر قريبة من العربية حَرفاً ونُطقاً، وذلك على نطاق واسع في الدولتين، أُسوة بتدريس اللغات الأجنبية في الجامعة الأردنية (الحكومية)، وفي غيرها من الجامعات المحلية، وهو ما يؤدي في المستقبل إلى الزيجات المختلطة الواسعة الأردنية – الأذربيجانية، وتلاقح الثقافتين العريقتين العربية الأُردنية والأَذربيجانية، فتلاقح الثقافات هو سلوك ثقافي، وحضاري، وتهذيب وتعليم، فتنشئة ومعرفة تراكمية مُرحَّبٌ بها، ذلك لأنها تولِّد آلياتٍ مناسبة لترسيخ مفاهيم السلام والاستقرار، ومبادئ العيش المشترك، ومن ثم التلاقح الذي يتمخض عنه إيجاد أرضية مشتركة، وعالم هادئ، ومجتمعات سليمة وواعية وخالية من العقبات والمُعضِلات، وفي كل هذا إنَّمَا نلمس تزايد الاهتمام به وبزوغه سنة بعد أخرى في العاصمتين المتآخيتين عَمَّان وبَاكو، ما سوف يُفضي حتماً إلى تكوين فإرساء قاعدة توفِّر بروز خبراء من القطرين في شؤون وشجون بعضهما البعض، توطيداً، وترسيخاً، وتعظيماً لوشائج المُشتركات والمحبة والثقة المتبادلة، وهي المشتركات الجمعيَّة التي يرعاها بحدبٍ جلالة الملك عبدالله الثاني المعظم رعاه المَولى عزَّ وجَل، وفخامة السيد الرئيس إلهام علييف حفظه الله وباركه.
*كاتبة وإعلامية روسية أردنية.