يلينا نيدوغينا
في الثامن من مارس / آذار من هذا العام، احتفلت البشرية بعيد المرأة العالمي، تعبيراً عن احترام نصف سكان المَعمورة من الجنس اللطيف. في هذا العيد، سارعت أقطار عدة لتكريم النساء المُبدعات، وتأكيد حقوقهن في المساواة الكاملة مع الجنس الخشن في كل مجال، والأهم هو دور الأم في تكوين العائلة، وخدمتها، وشد أزرها، وبالتالي تواصل الجنس الإنساني إلى أن يرث الله الأرض وما عليها. في هذا الصدد، ارتأيت أن أتحدث ولو باختصارٍ شديد، عن المرأة الأذربيجانية وحقوقها ومكتسباتها ومكانتها، إذ لطالما دفعت الاحتفالات الأذربيجانية بهذه المناسبة؛ وبخاصة بعد عملية تحرير الأراضي الأذربيجانية من الاستعمار الإحلالي الأرميني الطويل الذي امتد لعقود ثلاثة؛ إلى مزيدٍ من العمل لإعلاء مكانتها التي حاول المُحتل النيل منها بفاشية استنكرتها الدنيا، وفشل في مسعاه هذا بفضل بُعد بَصيرة فخامة الرئيس إلهام علييف والنائب الأول له السيدة الأولى مهريبان علييفا.
تشتهر عائلة “علييف” الكريمة منذ عشرات السنين بإخلاصها التاريخي للدولة والشعب ومصالحه، وكثيراً ما تؤكد ذلك وسائل الإعلام العالمية. وعلى سبيل المثال لا الحصر، جاء في موقع “سيدتي” الشهير، التالي: في منزل تسوده أجواء الفِكر والثقافة، وُلدت وتربت السيدة الأولى في أذربيجان مهريبان علييفا، عقيلة الرئيس، ورئيسة “مؤسسة حيدر علييف”، وسفيرة النوايا الحسنة لـِ”منظمة الأمم المتحدة للتربية والعِلم والثقافة” (يونسكو)، ولـِ”منظمة العَالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة” (الإيسيسكو).
وعن علومية هذه العائلة الكريمة، تستطرد “سيدتي”: جدّها هو جلال باشاييف، الكاتب الأذربيجاني الشهير، أما والدها عارف باشاييف، فقد كان عالِماً وترأس الأكاديمية الوطنية للطيران، ابتداءً من عام 1996، ووالدتها إيمان غوليفا، كانت باحثة رائدة في مجال جذور الثقافات واللغة والاستشراق. في هذه الأجواء التي تُقدِّر وتثمّن القِيم الإنسانية، طوَّرت مهريبان علييفا حبها للشعر والموسيقا والفنون. وفي مساهماتها الإنمائية لا تكتفي بأدوارها الخارجية في خدمة بلدها كصورة مشرقة للمرأة المسلمة المثقفة، وإنما تنهض كذلك بتوظيف قدراتها الفعَّالة في الداخل الأذربيجاني عبر مبادرات المجتمع المدني، ومن خلال دورها السياسي الناشط كعضو في البرلمان، وأيضاً ضمن مؤسستها الخيرية “أصدقاء الثقافة الأذربيجانية”، التي تأسست في عام 1995، من أجل التعريف بالإرث الحضاري لبلادها، أما في سنة 2004، فكانت خطوة جديدة في هذا الطريق بقيادتها “مؤسسة حيدر علييف”، التي تحمل اسم الزعيم الوطني للشعب الأذربيجاني، وتمكنت بنشاطها في هذه المؤسسة من القيام بالكثير من المساهمات الإنمائية في المجتمع والثقافة والاقتصاد. قيادية السيدة علييفا ونشاطاتها مِثال يُحتذى لنساء وطنها، اللواتي يتمتعن رسمياً بحقوق الذكور، وهُنَّ يعملن في شتى المهن ويشتهرن بدورهن الفعَّال، ويساهِمن في حل القضايا المصيرية للشعب، ليس الآن فحسب، بل وعلى امتداد تاريخ البلاد، إذ تم في عام 1918 تحديد الحقوق المتساوية لجميع القوميات والشعوب التي تحيا في أذربيجان وكلا الجنسين، وبذلك أضحت أذربيجان الدولة الأولى في الشرق الجغرافي الواسع الذي يمنح النساء الحقوق المساوية للرجال في القيادة، والتصويت، وإدارة البلاد سياسياً واقتصادياً وعلمياً، وفي كل المناحي. اللافت للانتباه والاهتمام، ووفقاً للمراجع، نقرأ عن أن النساء العسكريات الأذربيجانيات شكّلن 2000 امرأة من مجموع 74000 عسكري في الدولة، و600 منهنَّ انخرطن بصورٍ مباشرة في العمليات الحربية بمسيرة الكفاح التحريري الوطني الذي امتد لِـ44 يوماً في منطقة قره باغ الاقتصادية، واشتهرت منهن بطلات عديدات، وأصبحن رمزاً عالمياً للتضحية الذاتية وتحقيق الغلبة على العدو في العصر الأذربيجاني الوضَّاء الجديد لإعتاق الأرض المسلوبة أرمينياً، وانتصاراً لأكثر من مليون امرأة أذربيجانية بين المواطنين الأذربيجانيين الذين تم اختطافهم من وطنهم الأم، حيث إن معظم العقبات الرئيسية التي تمَخَّضت عنها الحرب – بما في ذلك عذابات اللاجئين والمشرَّدين – تحملتها النساء والفتيات على مناكبهن. ولهذا، تُقدِّم الدولة الأذربيجانية لَهَّنَ مختلف صور المؤازرة والإعانات. وأختتم هذه المقالة بالتذكير بالسيدة ناتافان ميرفاتوفا، التي كانت أول امرأة أذربيجانية تشغل رتبة لواء منذ 2009، إذ إن ترفيعها قد أكسبَ نساء أذربيجان مكانة هي الأكثر تألقاً في السِّلكَين العسكري والاجتماعي. *كاتبة وإعلامية روسية – أردنية.